أبحاث علمية جاهزة للطباعة malooo2
حقوق الطبع والنشر محفوظة للسيد / محمد صلاح الملاح . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المتابعون

Find Us On Facebook

احدث مواضيعنا

بحث كامل الحملة الصليبية التاسعة

المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله."يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون" (آل عمران، 102). "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً، ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً" (النساء، آية:1). "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً" (الأحزاب، آية: 70،71).
أما بعد: يارب لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى هذا الكتاب امتداد لما سبقه من كتب درست عهد النبوة وعهد الخلافة الراشدة وعهد الدولة الأموية، وعهد السلاجقة، وعصر الدولة الزنكية، ودولة المرابطين والموحدين، وعهد الدولة العثمانية وقد صدر منها: السيرة النبوية، وأبو بكر وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي، ومعاوية بن أبي سفيان وعمر بن العزيز، وفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم، والثمار الزكية للحركة السنوسية والسلطان محمد الفاتح، والشيخ عبد القادر الجيلاني، والإمام الغزالي، وحقيقة الخلاف بين الصحابة، وفكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة والوسطية في القرآن الكريم وعقيدت المسلمين في صفات رب العالمين[1].
لقد وَصَلَت حدودُ الدولة الإسلامية من الصين شرقاً، وحتى حدود فرنسا غرباً في نهاية عهدِ العباسيين، واتّسعت أكثر لتشمل أجزاء من اليونان وأوروبا، ولمَّا ازداد انتشار الدولة.
الإسلامية، ازدادت الخلافات والانقسامات، فظهرت الدويلات الصغيرة، وأصبحَ البعضُ يستعين بأعداءِ الدين لكي يقضي على البعض الآخر، وسادت أجواء من الحقدِ والضغينة والتَّفَكُك، حتى باتت الدولة الإسلامية فريسةً سهلةً تحت أنياب الغزاة، ولمّا كان الأوروبيون يستشعرون خطر الدولة الإسلامية على مناطقهم وعلى ديانتهم السائدة آنذاك وهي الديانة المسيحية بسبب انتشارها واتساعها، علت بعضُ أصوات الباباوات والقسيسين تطالب بإنقاذ الأرض المقدسة من أيدي المسلمين، لتنطلق بذلك أول الحملات الصليبية، وفيما يلي نتحدثُ عن الحملات الصليبية على دولة الإسلام، لنعرف أسبابها، وأهدافها، ثم عددها وأثرها على بلاد المسلمين.




مفهوم الحملات الصليبية
 هي مصطلح يطلقُ على الحملاتِ العسكريةِ التي انطلقت من أوروبا إلى بلادِ المسلمين، بداعي تخليص الأرض المُقدَّسة (بيت المقدس) من أيدي المسلمين، وسُمِيَت بالصليبية؛ لأنَّ المقاتلين الأوروبيين كانوا يضعون شعار الصليب على ألبستهم، فانطلقت أولى الدعوات في شهر نوفمبر من العام 1905م، وكان أول من دعا إليها البابا أوربان الثاني، ثم كانت لكل حملة ظروف خاصة أدت إلى الدعوة إليها حسب الحاجة لها. إنَّ الهدف البارز الذي أعلنَ عنه الصليبيون هو "تخليص الأرض المقدسة من أيدي المسلمين"، وبدعوى إرادة الرب والتكفير عن الخطايا[2].
 أسباب ظهور فكرة الحملات الصليبية
 إنّ كلّ الأبحاث والدراسات التي قرأتها عن هذه الحملات والحروب، وجدت إجماعاً من المؤرخين على أنَّ هناك أسباب ودوافع مباشرة معلنة لتلك الحملات، وهناك أسباب ودوافع غير مباشرة وغير مُعلنة، أدت إلى بروز فكرة احتلال الدولة الإسلامية وغزوِها، كما يُجمِع الباحثون والمؤرخون على أنَّ هذه الحروب دوافعها اقتصادية ولكنَّها أُلْبِسَتْ زِيَّاً دينياً لتبريرها، ونُلخِّصُ ذلك فيما يلي[3]:
 الأسباب المباشرة للحملات الصليبية[4]:
تخليصُ الأرض المقدسة من خطرِ المسلمين، وقد تزيَّن هذا السبب بعد هدمِ كنيسة القيامة في السنةِ التاسعة بعد الألف، بأمر من الحاكم بأمر الله الفاطمي.

الأسباب غير المباشرة للحملات الصليبية:
 أسباب اجتماعية: وهي الدافعُ الأبرز لهذه الحملات من وجهة نظر البعض، فقد كانت أوروبا تعيش في تلك الآونة نظاماً طبقياً إقطاعياً، فظهرت (طبقة النبلاء ورجال الكنيسة، وطبقة التجار، وأخيرا طبقة الفلاحين)، وكانت طبقة رجال الدين والنبلاء هي الطبقة الأبرز والمسيطرة على كل خيرات البلاد، فاستعبد الإقطاعِيّ الفلاحين الذين كانوا يعملون لديه بالسخرة.
تأثير النظام الاجتماعي على الحروب والحملات الصليبية[5]:
 أبناء النبلاء والإقطاعيين: كان نظام الإرث في أوروبا يقضي بأن يتم توريث الابن الأكبر دوناً عن غيره من الإخوة؛ حفاظاً على تَشَتُّتِ الأملاك وضياعها بعد نَيِّف من العمر، هذا النظام أوجدَ طبقة من أبناء النبلاء، الذين وجدوا أنفسهم لا يملكون أي أرض ولا مال، ووجدوا أنّ أخاهم الأكبر يتحكّم بهم، وبالتالي كان الحلُّ لهم هو البحث عن أراض جديدة يتملكونها، فكانت دعوة الباباوات خير حل لهم.
 الفُقراء: وهم الذين عانوا من ظلم الإقطاعِي، ومن شُحِّ الحياة، وشُحِّ الدخل، فوجدوا في الحملات الصليبية تلك قاربُ النجاةِ لهم، أولاً للتخلص من ظلم الإقطاعي، وثانياً للبحث عن خيرات ووسائل أخرى للدخل، وهذا ما وُعِدُوا به من قِبَل الباباوات.
أسباب اقتصادية: حيث أراد الأوروبيون أن يسيطروا على خيرات الدولة الإسلامية، واقتصادها، وذلك عن طريق السيطرة على تجارتها وزراعتها، وممراتها المائية والبرية، وبالتالي إنعاش الاقتصاد الأوروبي.

عدد الحملات الصليبية
الحملات الصليبية الأساسية والمعروفة هي ثمانية حملات، ولكنّ البعض يرى أنّها عشرة، والبعض الآخر يرى أنَّها قائمة إلى يومنا هذا، ولكن بطابع فكري بحت، لا بطابع عسكري، حيث يطلقون على ذلك (الغزو الفكري).
الدول المشاركة في الحملات الصليبية
شارك في الحروب الصليبية كل من ( فرنسا ، اسكوتلاندا ، انكلترا ، إيطاليا ، ألمانيا ) إضافة إلى (الاسكندنافيين ، النورمان ، ففريزيين ، فلاندريين ، ساراكينوس ) ، وقد أطلق العرب على الحروب الصليبية اسم ( الفرنجة ) .
نتائج الحروب الصليبية[6]
1. لقد مني بالخسارة الأوروبي الإقطاعي ، حيث أنّ النظامين العسكري والاجتماعي هو كلّ مكاسبه ، حيث أنّ ما كان يلائم النظام الإقطاعي في حالات فردية ، لم يكن ملائماً ولا حتى متوفراً في بلاد الشام ولا حتى في مناخهاً ، وأيضاً بسبب بعد مراكزه الأصليّة عن مواقع الحروب .
 2. إنّ الحروب الصليبية ، وبسبب ما أثّرت على القوى الإسلامية ، من إنهاك وضعف لقوتها ، وبالتالي أدى إلى التقليل من المقاومة من قبل التتار ، والمغول القادمين من الشرق ، أدى هذا لتأخر سقوط مدينة القسطنطينية السريع في يد العثمانيين الترك ، حيث انشغلت القوى الإسلامية لفترات طويلة حتّى سقطت القسطنطينية .
3. وقد حلّت الكوارث الكثيرة في أغلب المنظّمات العسكرية ، وأيضاً الجماعات الدينية ، التي عادة ما تفرزها مثل هذه الحروب ، مثل فرسان الإسبتارية ، وفرسان التيوتون ، حيث توجهوا إثر سقوط مدينة عكا إلى مار ينبورج في بروسيا ، حيث جعلوها هي المقر لهم ، وجماعة الداوية حيث يعرَفون بفرسان المعبد ، الذي هربوا من مذبحة عكا متجهين إلى جزيرة قبرص ، وليستولوا بالتالي على جزيرة رودوس عام 1310 ، ليستمر بهم الحال حتى يتم استيلاء العثمانيين عليها في عام 1522 ، لينتقلوا فيما بعد متجهين لجزيرة مالطة .
 4. وقد ظهر في أوروبا ما يعرف بالزجاج الملون ، إثّر نقل صناعة الزجاج إليها .
 5. وقد نقلت من بلاد الشام ، كل من البارود ، والبوصلة ، والأدوات الخاصة بالطباعة إلى أوروبا .
 6. لقد كان لتأثير كل من الفلسفة العربية والشعر والعلوم ، بالغ الأثر في علوم وثقافة الغرب ، إذ وصلتهم كل هذه المعارف عبر صقلية وإسبانيا ، وأيضاً بسبب الحروب الصليبية ، حيث أثّرت الثقافة اليونانية بشكل كبير في الأوروبيين ، وأخدوا يترجمون كتب أرسطو ، حتى يجد الأوروبيين صوابية الحضارة الإسلامية وتاريخها ، إذ كانوا مرهقين مما يعرف بصكوك الغفران ، التي فرضها البابا في العقيدة الكاثوليكية .
7. إنّ أغلب أصحاب الأراضي قد قاموا ببيعها للأديرة أو رهنها لهم ، من أجل الحصول على أموال تسد ما يلزمهم في الحرب من نفقات ، وهذا ما أدّى إلى ثراء أغلب الأديرة ، وبالتالي الإعلاء من قيمة البابوية ، لتصبح هذه الأديرة محط حسد وحقد من قبل الملوك ، وأصحاب السلطات السياسية [7].
 8. لقد قام الأوروبيين بنقل الكثير من الأقمشة العربية إلى بلادهم ، وكذلك الكثير من الفواكة والحبوب ، وأيضاً الكثير من المزروعات المختلفة إضافة إلى التوابل ، حيث كان لتعلّم الأوروبيين من المسلمين ، أساليب وطرق الصناعة والتجارة الأثر الكبير .
9. إنّ الحروب الصليبية كانت بدايتها بنظام إقطاعي يهتم بالزراعة ، لتقوم من بعدها في أوروبا الصناعة وتنتشر التجارة ، ومن بعدها اكتشاف العالم الجديد .
السلطان الظاهر بيبرس
تولي السلطان الظاهر بيبرس السلطنة بمقتل السلطان قطز، خرج أمراء المماليك الذين تآمروا عليه إلى الدهليز السلطاني بالصالحية وسلطنوا عليهم بيبرس سنة 658 هـ / 1260م؛ لأنه هو الذي قتله وأجلسوه مكانه على مرتبة السلطان، وبعد أن حلف له القادة بمن فيهم فارس الدين أقطاي، والجند يومين الولاء، دخل القاهرة ظافرًا. ويعتبر بيبرس من أعظم سلاطين المماليك لما قام به من أعمال شملت تنظيمات وعمران وغير ذلك، وكان من أهم أعمال بيبرس إحياؤه الخلافة العباسية في القاهرة سنة 659هـ / 1260م، بعد أن قضي عليها التتار في بغداد. مما أكسبه سلطة شرعية مدعومة بموافقة الخليفة العباسي، كما استن نظام ولاية العهد في أسرته، بتعيين ابنيه السعيد بركه خان والعادل بدر الدين سلامش، وحفر الترع، وأصلح الحصون، وأسسِ المعاهد، وبنى المساجد، كما قوى الجيش واستحضر أعدادًا كبيرة من المماليك، وكرس همته في محاربة الصليبيين. ولذلك يعتبر المؤسس الحقيقي للدولة المملوكية في مصر، وتوفي في السابع والعشرين من محرم عام 676 هـ / 1277م في دمشق وهو عائد من وقعة قيسارية[8].
دور بيبرس في التصدي للحملة التاسعة الصليبية
 لم ينس بيبرس لحظة عداوة الصليبيين وخطرهم على الشام ومصر، وهو الذي شارك في صدهم عن المنصورة ودمياط، ورأى محاولات لويس التاسع في تأجيج الصراع بين دولة المماليك الحديثة النشأة والملك الناصر ملك الشام، ثم تعاونهم مع الخطر الجديد القادم من الشرق، حيث رأوا فيه حليفا طبيعيا ساقه الله لنصرتهم، ألا وهو خطر المغول، فاتصلوا بهم، وعملوا أدلاء لجيوشهم وجواسيس يطلعونهم على عورات المسلمين، بل سمح بعضهم لبعض الحاميات المغولية بالنزول في حصونهم، فوقعوا هم أنفسهم تحت سيطرة ورحمة تلك الجماعات  وكذلك تآمر الصليبيين الدائم مع الحشاشين الذي كانوا خطرا دائما يهدد كل مجاهد مسلم من زعماء المسلمين.[9] لهذا قرر بيبرس كما قلده في ذلك خلفاؤه أمثال قلاوون والأشرف خليل، اجتثاث الخطر الصليبي نهائيا من بلاد الشام  وكتمهيد لتحقيق هذا الهدف تحالف بيبرس مع الإمبراطور البيزنطي باليولوجس عدو الصليبين، حيث عقد معه معاهدة دفاعية عام (660 هـ / 1262م) كما حالف مغول القفجاق المسلمين (القبيلة الذهبية) وهادن أعداء المسلمين مغول فارس الوثنيين بعد كل هذه الترتيبات توجه بيبرس نحو الشام عام (663 هـ / 1265م) قاصدا إعداد قواته وإعادة توزيعها، تمهيدا لتنفيذ غرضه، وعند ذلك أحس الصليبيون بالخطر الكائن في استعدادات بيبرس ونيته نحوهم، فأرسلوا إليه وفودهم تعرض عليه المسالمة، وتعبر عن حسن نيتها نحوه، ولكنه كان يردها قائلا: "ردوا ما أخذتموه من البلاد، وفكوا أسرى المسلمين جميعهم، فإني لا أقبل غير ذلك"، ثم يطردهم من حضرته وكان من حماس بيبرس في جهاد الصليبين، أنه لم يخل عام من الأعوام العشرة ما بين (659-669هـ / 1261- 1271م) إلا وكان يشن فيه حربًا، ويسترد أرضا من أرض إحدى الإمارات الباقية بأيديهم، وهي: أنطاكية، وطرابلس، وبعض مملكة القدس. فبادر عام (661 هـ / 1263م) بمهاجمة مدينة الناصرة، ثم هاجم بنفسه مدينة عكا الحصينة، ولكنه لم يتمكن أن فتحها بسبب ما أقامه فيها لويس التاسع من تحصينات وفي عام (663 هـ / 1265م) حاصر مدينة قيسارية وفتحها رغم حصانتها، ثم غادرها جنوبا إلى قلعة أرسوف البحرية التي كَانت تحت سيطرة شرسان الاسبتارية المشهورين ببسالتهم، فقاموا بالدفاع المستميت عنها، ولم يمكنوا بيبرس من فتحها فلجأ إلى الحيلة، بأن اتفق معهم على أن يستسلموا مقابل تأملات حياتهم، ولكنه قام بنقلهم إلى القاهرة بعد أن أمرهم بهدم قلعتهم  وبعد ذلك قام بفتح يافا وعتليت، ثم استولى في العام التالي على صفد وهونين وتبنبن والرملة، مما جعل الإمارات الصليبية في حالة احتضار يائسة دفعتها إلى معاودة استعطاف السلطان بيبرس طالبة مصالحته، أو على الأقل عقد هدنة معه، وفي هذه المرة رأى أنه من المناسب إجابة طلبهم، فصالحهم عَلى أساس المناصفة أو المشاركة، وذلك بأن تصبح له حصة في غلاتهم ومنتجاتهم  ومن أطرف هذه الاتفاقيات بين بيبرس والإمارات الصليبية تلك الاتفاقية التي عقدتها معه ازابيلا، ملكة بيروت عام (667 هـ / 1268م) ومدتها عشر سنوات، فقد ذكر القلقشندي أن هذه الملكة قد وثقت ببيبرس إلى درجة أنها كانت عندما ترغب حب السفر إلى جهة ما، تذهب بنفسها إلى بيبرس وتستودعه بلادهاوعندما خطفها الملك هيو الثالث ملك جزيرة قبرص قام بيبرس بتخليصها عن طريق توجيه تهديدات لهيو. لهذا اتخذت لنفسها حرسا من المماليك حتى ماتت عام 672هـ / 1274م، وقلدتها في هذه السياسة أختها وخليفتها حتى استولى المسلمون على بيروت أما عن موقف السلطان الظاهر بيبرس تجاه العدو الآخر والحليف الدائم لكل من الصليبين والمغول، وأعني به مملكة أرمينيا الصغرى (جنوب الأناضول) فقد وجه إليها في عام (665 هـ / 1266م) القائد قلاوون؛ بقصد تأديب ملكها على تحالفه مع التتار زمن هولاكو وأبقاخان، وتشجيعه لهما على مهاجمة الشام ومصر، والمساهمة في دعمهما بفرض حصار اقتصادي على دولة المماليك، حيث منع عنها مادتي الخشب والحديد. وقامت قوات قلاوون بهزيمة الأرمن قرب دراساك، ودمرت مدن سيس وأضنه وطرسوس والمصيصة، وألحقت بها دمارا هائلا في هجومها الذي استغرق عشرون يوما فقط، وقتل قلاوون أحد أبناء ملك أرمينيا وأسر الابن الثاني، في حين كان الملك نفسه هيثوم الأول في زيارة للمغول في بلاد فارس. ولم يوافق بيبرس على إطلاق أسيره إلا مقابل تنازل والده عن عدة مواقع استراتيجية ودفع جزية سنوية  ومنذ ذلك الحين أصبحت أرمينية الصغرى ضعيفة لم تسبب للمسلمين أي مشكلة، إلا مرة واحدة في عهد السلطان محمد قلاوون حيث أخضعها نهائيًا. وفي عام 666 هـ قام بأخذ يافا عنوة وأجلي أهلها إلى عكا، ثم استولى على حصن الشقيف وأجلي أهله إلى صور، ثم هاجم صور فنهب وأرعب، ثم هاجم حصن الأكراد ثم سار عنوة إلى حمص ومنها إلى حماه ثم إلى فامية[10] .
سقوط أنطاكية بيد السلطان بيبرس
 وجه بيبرس همه إلى أنطاكية أقوى الإمارات الصليبية المتبقية والمتحالفة مع التتار، فبدأ بمهاجمة البلاد المحيطة بها، حيث استولى على عدة قلاع تقع إلى الشمال منها، ثم وجه همه نحوها بجيشه المؤلف من ثلاث فرق، استولت الفرقة الأولى منها على ميناء السويدية، لتقطع اتصال انطاكيا بالبحر، ورابطت الفرقة الثانية في ممرات قيليقيه لتمنع وصول الإمدادات من أرمينية الصغرى، ثم هاجم المدينة بالفرقة الثالثة، واستمرت الهجمات، ودام الحصار. ثم جرت مفاوضات لتسليمها صلحا، ولكنه رفض، واستطاع أن يفتحها عنوة، في رمضان عام 666 هـ (1268م) فأحرقها، وقتل من أهلها خلقا كثيرا (قيل أنه قتل من أهلها مائة ألف، ومن جنود قلعتها ثمانية آلاف)، وأسر أعدادا هائلة منهم، وغنم مالا يحصى من الأموال بلغ من كثرتها (أن قسمت الأموال بالطاسات)، وبلغ الأسرى من الكثرة حتى أنه لم يبق غلام إلا وله غلام، وبيع الصغير باثني عشر درهماً). فكان سقوطها معلما خطيرا على طريق نهاية الصليبين بالشام، لأنها كانت بحكم موقعها الجغرافي سندا لهم منذ بداية الحروب الصليبية، وسبب سقوطها ذعرا شديدا في صفوف الصليبين، حتى أرسل ملك أرمينية الصغرى يعرض على بيبرس أن يسلمه بلاده مقابل الاستمرار في مهادنته .
بيبرس ومحاولة فتح قبرص
ولم يكتف بيبرس بهذا النصر العظيم، فوجه همه نحو جزيرة قبرص ليؤدب ملكها هيو الثالث، الذي كان دائم التهديد للسفن الإسلاَمية في البحر الأبيض المتوسط، ودائم المساعدة للصليبين، فوجه نحوه حملة بحرية عام 668 هـ (1270م)، ولكنها فشلت بسبب العواصف التي حطمت معظم سفنها، فنجي بذلك ملكها من عقاب بيبرس لم يثن هذا الفشل في فتح قبرص، بيبرس عن مواصلة الجهاد ضد الصليبيين، فاستولى في عام (669هـ / 1270م) على صافيتا وحصن الأكراد، وحصن عكار، والقرين، ثم واصل مهاجمة إمارة طرابلس، فاستولى على ما حولها من حصون وممرات وكاد أن يفتحها، ولكنه عندما علم بخروج الحملة الصليبية الثامنة من فرنسا خشي أن تكون جهتها مصر، فسارع إليها للاستعداد لمواجهة هذا الخطر وعندما تيقن من توجه تلك الحملة إلى تونس عاد عام (670 هـ /1271م) لمواصلة هجومه على طرابلس فطلب أميرها بوهيمند السادس الصلح، ووصلت الأخبار بوصول الأمير إدوارد الأول إلى عكا، فظن أنها مقدمة لحملة صليبية كبرى، فاستجاب بيبرس لطلب بوهيمند وعقد معه صلحا مدته عشر سنوات  وتبعتها مملكة بيت المقدس فعقدت صلحا مماثلا، مما مكن بيبرس من التفرغ لقتال المغول والإسماعيلية. فوجه بيبرس همه نحو الإسماعيلية الحشاشين الذين كانوا يعادون المسلمين ويتآمرون مع الصليبين ضدهم، ويغتالون كبار المجاهدين من قادتهم كما تعاونوا مع المغول، ودفعوا لهم الأتاوات، فعزل مقدمهم نجم الدين الشعراني، وهدم حصونهم وقضي عليهم، بعد أن سلموها له وأشهرها الكهف والقدموس والمنطقة، وعوضهم عنها بإقطاعات[11] .
بداية الحملة الصليبية التاسعة
استغل أباقا خان إيلخان مغول فارس الهدوء على الجبهة الشرقية في شن هجمات كر وفر على حدود سوريا لكنه لم يستغل الموضوع لشن هجمات كبيرة .
في صيف 1270 لويس التاسع ملك فرنسا شن الحملة الصليبية التامنة على تونس بهدف تحويلها لقاعدة يهاجم منها مصر، وهذا كان مخالف للذي جاء في المراسلات التي تبادلها أباقا خان مع بابا الكاتوليك كليمينت الرابع (1268-1267) بخصوص خطة لمحاصرة جيش المماليك بين الصليبيين والمغول عن طريق انزال جيش صليبى في مصر أو سوريا.وبعدما توفي لويس في تونس فأكمل الأمير إدوارد ملك إنجلترا الذي كان يرافقه في تونس المسير إلي عكا بحملة صليبية جديدة .
الحملة الصليبية علي مصر
عند وصول إدوارد أرسل فورا لآباقا وأجابه آباقا بإرسال جيش ضخم بقيادة سماغار لكي يساعده في حملته وطلب منه ان يتفق على اليوم الذي سوف يهاجم فيه . وبالفعل شن ساماغار والسلاجقة هجوماً يوم 20 أكتوبر 1271 على شمال سوريا . كان بيبرس متوقع الهجوم حيث كان وقتها بسوريا فسرعان ما أرسل قوات وجهز جيشه وسار به إلى الشمال ولكن سرعان ما تراجع المغول هربا إلي ما وراء الفرات وبهذا انتهت إمكانية حدوث تعاون عسكري بين المغول والصليبيين في هذه المرحلة في هذه الأثناء، شعر بيبرس بانه هناك هجوما عن طريق البحر على مصر. وعلم بحجم التهديد حيث ان الهجوم برا وبحرا، فقال انه سعى لدرء وتدارك هذه المناورة من خلال بناءه لأسطول في البحر المتوسط. وبعد الانتهاء من بناء الأسطول، بدلا من مهاجمة الجيش الصليبي مباشرة، حاول بيبرس الهبوط على قبرص في 1271، على أمل أن يهزم هيو الثالث ملك قبرص (الملك الشكلي للقدس) وأسطوله من عكا، وذلك بهدف قهر الجزيرة وترك إدوارد والجيش الصليبي معزول عن الأراضي المقدسة. ومع ذلك في الحملة البحرية تم تدمير الأسطول الإسلامي واضطرت جيوش بيبرس العودة.
وبعد هذا الانتصار الصليبي الضئيل، أدرك إدوارد أنه لإنشاء قوة قادرة على استعادة السيطرة علي القدس سيكون من الضروري إنهاء الاضطرابات الداخلية داخل الدولة المسيحية، وحتى انه توسط بين هيو والفرسان المتمردين من عائلة إبيلين بقبرص. بالتوازي مع الوساطة، وبدأ الأمير إدوارد والملك هيو التفاوض على هدنة مع السلطان بيبرس. وتم التوصل إلى هدنة لمدة 10 سنين و10 شهور و10 يوم وذلك في مايو 1272، في قيصرية. وعلى الفور تقريبا غادر الأمير ادموند لإنجلترا،في حين بقي إدوارد لمعرفة ما إذا ستكون المعاهدة ستنفذ. وفي الشهر التالي، حاول بيبرس لاغتيال إدوارد. ولكن إدوارد قتل الشخص المرسل لقتله لكنه تلق جرح نازف من خنجرا مسموما في هذه العملية، مما أخر رحيل إدوارد . في سبتمبر 1272، غادر ادوارد عكا لصقلية، وبينما يتعافى في الجزيرة تلقى أول خبر وفاة ابنه جون، وبعد بضعة أشهر خبر وفاة والده. في 1273 بدأ إدوارد رحلته إلى الوطن عبر إيطاليا. وصل أخيرا إدوارد إنجلترا في منتصف 1274، وتوج ملك إنجلترا يوم 19 أغسطس 1274.
نتائج المعركة
استمرت الاتصالات والرسائل بين المغول والصليبيين بهدف عودة التحالف ومحاصرة مصر في جنوب البحر المتوسط. في مايو 1274 انعقد مجلس الكنائس في ليون بإشراف بابا الكاثوليك جريجورى العاشر الذي كان مهتما بمستقبل الأراضى المقدسة وقرر توحيد الكنائس الكاثوليكية واليونانية، وتحضير حمله صليبية جديدة. المغول حضروا الاجتماعات ووفدهم كان يضم الدومينيكانى ريتشارد مترجم آباقاخان. رسالة آباقا للمجلس تحدث فيها عن العلاقات المغوليه-اللاتينيه وأن آباقا يتمنى تحالفاً مع الصليبيين ضد المسلميين، وبعد وصول رسالة آباقا لإنجلترا وقرائتها على الملك إدوارد الأول الذي رد عليه في بداية 1275 بمديح لآباقا، وعبر عن امانيه ان بابا الكاتوليك يحضر حملة سريعة، ووعد انضمامه لها . في أواخر سنة 1274 وصل روما مبعوثين جدد من المغول (جون وجيمس فاسالى) ومعاهم رسالة من آباقا لجون الواحد وعشرين( بابا الكاثوليك بعد جريجورى) سنة 1276، وطلب آباقا في الرسالة ان يبدأ الصليبيين بشن هجوم على الاراضى المقدسة، ووعد بتقديم مساعدات وبتدخل عسكري مباشر عند وصول الحملة، تم ارسال الرسالة للبابا في روما وإلي فيليب التالت بفرنسا وادوارد الأول بنجلترا، وإعتذر أباقا لإدوارد عن هروبه وعدم مساعدته له بالحملة ولكن كل بلا فائدة ولم يحقق شيئا[12].
وفي مصر ، كان بيبرس على علم بالمراسلات بين المغول والصليبيين ، وكان قلقا من حدوث تحالف فيقوم الصليبيين بهجوم على الإسكندرية أو دمياط فينشغل جيش المسلميين في الدفاع عن مصر، فيهجم المغول على بلاد الشام ويستولون عليها ،ولكن لحسن الحظ لم يتم التحالف لحدوث نزاعات داخلية وحروب اهلية بين الدول المسيحية بأوربا، فلو دخل المغول وقتها بكل ثقلهم في المعركة كانوا اربكوا الجيش الإسلامي
شهدت السنوات التسع المتبقية في الهدنة زيادة المماليك في طلب الجزية، فضلا عن زيادة اضطهاد الحجاج، كل ذلك في مخالفة للهدنة. في 1289، وجمع السلطان قلاوون جيشا كبيرا مستهدفا ما تبقى من مقاطعة طرابلس ، في نهاية المطاف قام بحصار على العاصمة واستولي عليها بعد هجوم دموي. ومع ذلك كان الهجوم على طرابلس مدمر بشكل خاص للمماليك حيث بلغت المقاومة المسيحية اقصاها وخسر قلاوون ابنه الأكبر في الحملة. وانتظر عاميين حتي يتعافي جيشه .
في العام 1291 جاءت مجموعة من الحجاج من عكا تحت الهجوم وردا قتلت تسعة عشر من التجار المسلمين في قافلة سورية. طالب قلاوون بدفع مبلغ كبير كتعويض. وعندما لم يأت الرد، استخدم السلطان ذلك كذريعة لمحاصرة عكا .ولكن قلاوون توفي أثناء الحصار، تاركا السلطان خليل الذي قام بفتح عكا، لم يعد للإمارات الصليبية وجود تقريبا. تم نقل مركز سلطة الصليبيين شمالا إلى تورتوسا، وفي نهاية المطاف في الخارج إلى قبرص. في عام 1299 قاد جيش المغول بقيادة غازان خان سلسلة غارات ناجحة ضد المماليك في منطقة الشمال الشرقي من حمص إلى جنوبا حتى غزة. وقال انه انسحب أخيرا من سوريا في 1300. وأدت المغول وحلفائهم بمملكة أرمينيا حملة أخرى لاستعادة سوريا، ولكنهم هزموا سريعا على يد المماليك في معركة شقحب في 1303. وكانت أخر موطئ تبقي على الأرض المقدسة هي أرواد ، وكان فتحها في 1302/1303. كانت الحملة التاسعة مثابة بداية نهاية الصليبيين في بلاد الشام بعد مئتي سنة من بقائهم بداية بالحملة الصليبية الأولى[13].
اسم المعركة ( الحرب ) :
الحملة الصليبية التاسعة
أسباب حدوث المعركة :
ضمن الحملات الصليبية على الشرق الأدنى .
الجيوش المتحاربة وقادتها :
بين جيش الصليبيين بقيادة الأمير إدوارد الأول وبين جيش المماليك .
وقائع المعركة :
جرت معركة حاسمة بين الصليبيين والمماليك كان للمماليك الدور الكبير في دحر هذا الجيش الكبير وألحقوا به خسائر فادحة بالأرواح والمعدات .
نتائج الحرب :
1- كان نصيب هذه الحملة الفشل .
2- تمكن المماليك من طرد الصليبيين من الشرق الأدنى.
آثار الحروب الصليبية
- الآثار على الجانب الإسلامي :
1.بدأت هجرات كبرى من الغرب إلى الشرق وسكنت الشام بالمقابل هاجر المسلمون إلى الغرب الأوروبي.
 2.انتشار التصوف من النتائج السلبية للحروب الصليبية على غرار الرهبنة والحركة الديرية التي سادت في أوروبا في هذه الآونة مع الاختلاف الكلي في التوجه بين الجانبين .
 3.تطور الفن والعمارة الإسلامية في مصر والشام حيث ظهرت العديد من التكايا والزوايا على الطرق.
 4.دخول ألفاظ أجنبية وتأثير الصليبيين في ثقافة المسلمين وأدبهم نتيجة الاحتكاك المباشر. 5.الازدهار التجاري ، حيث أنشئت شركات في عصر المماليك مثل شركة فلورانس.
 6.ما زال الغرب يكن الكره للمسلمين ويجتر الذاكرة الصليبية حتى في الوقت الراهن ومن ذلك عندما وقف اللورد اللنبي قائد الإنجليزي عندما استولى على القدس سنة 9191 م وانتزعها من الأتراك ليقول كلمته المشهورة :" الآن انتهت الحروب الصليبية "، ويقول القائد الفرنسي غورو: عندما دخل دمشق سنة .م وقف على قبر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله قاهر الصليبيين في حطين ليقول متشفيا شامتا : "هانحن عدنا يا صلاح الدين ".
في النهضة العلمية والحضارية [14]:
إن الحروب الصليبية عرفت دول غرب أوروبا على الحضارة الإسلامية بشكل أعمق وأعرض،وتركت في حضارة أوروبا في عصر النهضة سمات ودلائل تشير إلى التأثر بالحضارة الإسلامية والنقل عنها.
أولا : الطب : في الوقت الذي كانت الكنيسة تحرم صناعة الطب لاعتقادها أن المرض عقاب إلهي لا ينبغي للإنسان أن يصرفه عمن يستحقه، كان المسلمون يمارسون الطب منذ زمن مبكر عن ذلك ، فقد توسع المسلمون فيه وترجموا موسوعات فارسية ويونانية وهندية في الطب إلى اللغة العربية ، وألفوا موسوعات لم يوضع لها نظير في الضخامة والتمحيص ،وكانت بعض أمهات هذه الكتب تدرس في جامعات أوروبا لمدى زمني طويل.
ثانيا : الرياضيات : أما سائر العلوم كالرياضيات والفلك وعلوم الطبيعة كالكيمياء والنبات والحيوان والمعادن والصيدلة ، فقد تفوق فيها المسلمون قبل عصر النهضة بوقت كبير وبرزت أسماء كبيرة مثل : ابن مسكويه، والخازن ، وابن خلدون ، وابن النفيس ، وابن الهيثم ،وألبتاني ، والفر غاني،والكندي ، والخوارزمي ، والبيروني ، والغافقي ، والقزويني ،وجابر بن حيان ، وابن البيطار ، وداود الأنطاكي …
ثالثا:أهمية مؤلفات المسلمين : ظلت مؤلفات هؤلاء العلماء المراجع المعتمدة في، جامعات أوروبا حتى القرن التاسع عشر ، واعترف عدد كبير من مؤرخي العالم بفضلهم على العالم والإنسانية حتى قال قائلهم : إنه لولا أعمال العرب لاضطر علماء النهضة الأوروبية أن يبدءوا من حيث بدأ هؤلاء،ولتأخر سير المدنية عدة قرون.وحتى قال آخر: إن كثيرا من الآراء والنظريات العلمية حسبناها من صنعنا،فإذا العرب سبقونا إليها.
رابعا : الجغرافيا : كانت جهود المسلمين في الجغرافية ذات أثر واضح في النهضة الأوروبية يقول جوستاف لوبون: فالعرب هم الذين انتهوا إلى معارف فلكية مضبوطة من الناحية العلمية عدت أول أساس للخرائط ، فصححوا أغاليط اليونان العظيمة في المواضع، والعرب من ناحية الريادة هم الذين نشروا رحلات عن بقاع العالم التي يشك الأوربيون في وجودها فضلاً عن عدم وصولهم إليها.
خامسا : إنشاء المدارس : من أبرز أثار الحروب الصليبية في أوروبا أن أخذت بعض مدن أوروبا تنشئ مدارس لتعليم اللغة العربية ، إذ أدركوا أن تعلم اللغة العربية أمر ضروري للوصول لأهدافهم الدينية والاقتصادية ، وكان هذا سببا في إهمال اللغة اللاتينية والإغريقية إلى حد كبير وإحياء اللغات الشعبية وصنفت كذلك المعاجم العربية لمعاونة المترجمين والمتعلمين.وقد تأثر الأوروبيون بالحضارة الإسلامية بسبب الاحتكاك مع العرب في المشرق خاصة مصر وبلاد الشام فنتج عن هذا التأثر :
الاستشراق : وهو دراسة تراث الشرق وتاريخه وعاداته وتقاليده ، وقد بدأت طلائع المستشرقين تعني بهذه الدراسات منذ القرن العاشر الميلادي إلى يومنا هذا ، وكان هدفه التمهيد لغزو أرض المسلمين. 2.إنشاء مكتبات شرقية في أوروبا : مثل مكتبة باريس الوطنية سنة 9115 م، وفيها حوالي سبعة آلاف مخطوط عربي ، ومكتبة جامعة ستراسبرج، ومكتبة المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية. 5.إنشاء المطابع الشرقية :كمطبعة إيطاليا ، ومطبعة فرنسا. 5.إنشاء المجلات الشرقية : كان للمستشرقين الفرنسيين فيها جهود معروفة ، مثل صحيفة العلماء ، ومجلة الجمعية الملكية الآسيوية ،والمجلة الإفريقية ، والمجلة التاريخية ، ومجلة تاريخ الأديان وغيرها ، وبعض هذه المجلات ما زال يصدر إلى هذا اليوم.
الخاتمة
لقد كان مشروع البابا اوربان الثاني جذاباً للغاية حتى أن عناصر المجتمع الأوربي كافة كانت ممثلة تقريباً في الحملة الصليبية الأولى، ولكن الاستثناء اللافت للنظر كثيراً في هذا العدد هو غياب ملوك أوربا جميعاً عن هذه الحملة.. فقد اعتبر البابا اوربان الثاني الحملة الصليبية مشروعاً يرتبط بالبابوية ارتباطاً مباشراً، ومن ثم لم يدع الملوك العلمانيين في الغرب بشكل واضح للانضمام إليه...ولا بأس في النهاية أن نذكر جملة من الأسباب التي ادّت إلى استجابة الناس بهذه الأعداد لنداء البابا اوربان الثاني إضافة إلى الأسباب التي ذكرناها في البداية:
1ـ التوسع المكاني لذلك العصر (إقطاعيات جديدة لما وراء البحار)..
2ـ البطالة التي كانت تخيم على بقية الأبناء بعد البكر في العائلة النبيلة التي تمنح الثروة للابن البكر...
3ـ مصلحة البابوات وعدد من ملوك أوربا وسلطة الكنسيين وشره الرهبان..
4ـ حقد المسيحيين على المسلمين..
ولا يفوتنا أن نذكر أن الصليبية ظاهرة حملت شعار الصليب (الذي لم يكن أبدا رمزاً للحرب والقتل والعدوان) ولم تحمل جوهر المسيحية.. بينما تسترت بلباسها وحملت رايتها وقتلت (حتى المسيحيين) باسمها فكانت معادية لرسالتها وأهدافها.. وكما عبر البابا شنودة الثالث بقوله: إن المسيحية تخالف الفكر الصليبي، وإن الغزاة استتروا وراء الدين ووراء عبارة الأماكن المقدسة، ثم كشفوا عن هدفهم وهو الاحتلال...



المراجع
1. صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف: عَلي محمد محمد الصَّلاَّبي الناشر: دار المعرفة، بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م
2. المقريزي: السلوك، 1/ 436. ابن إياس: بدائع الزهور، 1/ 97- 98. - ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة، 7/ 84، 267.
3.   أحمد العباد، قيام دولة المماليك الأولى في مصر والشام، دار النهضة العربية، بيروت، 1969م، ص222.
4. مفصل بن أبي الفضائل، النهج السديد، ص: 192. المقريزي، السلوك: 1/584_ 600. - بيبرس الدوادار، زبدة الفكر: 9/262/9. - المقريزي، السلوك: 1/ 465.
5.   سعيد عاشور: قبرص والحروب الصليبية، القاهرة، مكتبة النهضة، 1957م، 2/1147
6.   السيد عبد العزيز سالم: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، ص: 269.
7. رشيد الدين فضل الله الهمذانى : جامع التواريخ، الإيلخانيون، تاريخ ابناء هولاكو من آباقاخان الى كيخاتوخان ، دار إحياء الكتب العربية.
8.   جمال الدين الشيال (استاذ التاريخ الاسلامي): تاريخ مصر الاسلامية، دار المعارف، القاهرة 1961.
9.   المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك ، دار الكتب, القاهرة 1996.
10.        ابو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوادارى : كنز الدرر وجامع الغرر، ( 9 اجزاء) مصادر تأريخ مصر الاسلامية ،المعهد الألماني للآثار الاسلامية، القاهرة 1971.
11.            القلقشندى : صبح الأعشى فى صناعة الإنشا ( 16 جزء )، دار الفكر، بيروت.
12.    رشيد الدين فضل الله الهمذانى : جامع التواريخ، الإيلخانيون، تاريخ أبناء هولاكو من آباقاخان إلى كيخاتوخان، دار إحياء الكتب العربية.
13.            جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي): تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1961.
14.            المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك، دار الكتب، القاهرة 1996.
15.        أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوادارى : كنز الدرر وجامع الغرر، (9 اجزاء) مصادر تأريخ مصر الإسلامية ،المعهد الألماني للآثار الإسلامية، القاهرة 1971.
16.                      القلقشندي : صبح الأعشى في صناعة الإنشا (16 جزء)، دار الفكر، بيروت.



الفهرس
الموضوع
الصفحة
المقدمة
1
مفهوم الحملات الصليبية
3
 أسباب ظهور فكرة الحملات الصليبية
3
 الأسباب المباشرة للحملات الصليبية :
3
تأثير النظام الاجتماعي على الحروب والحملات الصليبية :
4
الدول المشاركة في الحملات الصليبية
5
نتائج الحروب الصليبية
5
السلطان الظاهر بيبرس
7
دور بيبرس في التصدي للحملة التاسعة الصليبية
7
سقوط أنطاكية بيد السلطان بيبرس
10
بيبرس ومحاولة فتح قبرص
11
بداية الحملة الصليبية التاسعة
12
الحملة الصليبية علي مصر
12
نتائج المعركة
13
آثار الحروب الصليبية
16
في النهضة العلمية والحضارية  :
17
الخاتمة
19
المراجع
20




[1]  الصلابي مقدمة كتاب صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس
[2] السيد سالم  1963 ص 196
[3] الصلابي 2008 ص96
[4]  سعيد عاشور1957م،ص142
[5] العباد 1969 ص222
[6] الشيال القاهرة 1961 ص69
[7] الشيال القاهرة 1961 ص140
[8] العباد 1969 ص243
[9] السيد سالم  1963 ص 263
[10] سعيد عاشور1957م،ص212
[11] المقريزى 1996.ص210
[12] المقريزى 1996 ص 311.
[13] سعيد عاشور1957م،ص263
[14] أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوادارى 1971. ص320

ليست هناك تعليقات :

تسمية 2

تسمية 3

تسمية 4